يحدث في المرآة الخلفية!

تنبيه أول : هذا المشهد تم رصده من مرآة خلفية لسيارة تقف في الصف الأمامي عند إحدى اشارات الرياض وعليه قد يكون واقع حقيقي خاصة إذا أخذنا بشهادة المرايا الجانبية بأنها الوحيدة التي تبدو منها الصورة (غير حقيقية)!

لا تفلح الكمامة المصنوعة من قماش أسود والتي تغطي نصف وجه الراكبة في المقعد الأمامي في السيارة الخلفية في تغطية الغيظ المتّقد في عينيها! السائق بجانبها يكشف عن نفسه كمتهم أول في تعكير مزاجها و تلتصق التهمة به أكثر عندما ينطلق في أحاديث تبدو من حركة يديه و نظرات عينيه أنها أحاديث متطايرة لا معنى لها ولا تسير في وجهة معينة. يرفع يده اليمنى إلى الأعلى بشكل سريع ومبالغ فيه بالنسبة لسائق يقف أمام إشارة حمراء بينما يستدير الجزء العلوي من جسده ناحيتها، يبدو أنه يحكي لها عن مغامرة شاهد فيها بركاناً ثائراً تندفع حممه للأعلى دون أن يدرك أن بجانبه بركان خامد الله وحده يعلم في أي لحظة سيثور.  فمُه المزموم كمن ينفخ الهواء في تزامن مع يده المحلقة تجعل التنبؤات متفاوتة وغير مستقرة على رواية البركان الثائر خاصة إذا ما أُخذ بعين الاعتبار الصورة الظاهرة على شاشة الإعلانات التجارية المقابلة والتي تحمل قدر ضغط والآخر مجاناً وقد رُبط الاثنين بشريطة حمراء جُمعت أطرافها في المنتصف وعقدت على شكل وردة، ربما كان السائق يقص لصاحبته إحدى تجاربه الفاشلة مع (قدر الضغط) حين فتحه فانطلقت محتوياته باتجاه السقف! ستكون هذه القصة الأسوأ على الإطلاق التي يختارها شخص يحاول مساعدة شخص آخر في التنفيس عن غضبه المكتوم .

 بالاستسلام لتفسيرات أبسط وسيناريوهات أقل تعقيد لمرأة صامتة بجبين مقطب في المقعد الأمامي من سيارة صغيرة وسائق لا يكف عن الثرثرة بينما ترتفع يده في حماسة شديدة ويستدير جسمه باتجاه المرأة عن يمينه  فقد يكون فرط التوتر عبث بلغة الجسد لدى السائق لتصبح شاذة ولا تتناسب مع محتوى حديثه، فيرفع يده كبركان ثائر أو كغطاء لقدر ضغط منفجر بينما هو في الحقيقة  يتحدث عن ثناء مديره في العمل على آخر مشروع سلمه له أو ليتحدث عن اعجابه الشديد بمشروب اللاتيه العربي الغني بالهيل والذي اكتشفه مؤخراً  لدى مقهى (جافا) المجاور لعمله أو أي ثرثرة تافهة تحاول اصلاح ما فَسُد من المزاج وما كُسر من الخاطر..

كل حماسة السائق والمواقف التي يسردها لم تُصب هدفها في كسر الجليد وزعزعة صمت المرأة الغاضبة والمسح على خاطرها! يصمت لثانية ثم يلتفت ناحيتها  ويضحك بقوة مبالغ فيها يبدو هذه المرة أنه يجرب حيلة (الضحك عدوى) لكن مناعتها تبدو قوية ضد هذه النوع من العدوى. يعيد وجهة لموضعه الطبيعي للأمام وعينه على الإشارة التي يبدو أنها تتآمر مع رفيقته فتُطيل حمرَتها لتعذبه بمزيد من الصمت الذي لا يقطعه شيء سوى الأحاديث المرتبكة من طرف واحد.. يعيد وجهة باتجاهها وفي هذه المرة يستخدم فنية الأسئلة يبدو ذلك من نظرة عينيه المتسائلة وايماءات رأسه التي أخيراً قابلتها ايماءة واحدة سريعة من الطرف الآخر لتقول نعم دون تفاصيل وتقتل محاولة استدراج الصوت وتحتج على محاولات عودة الحياة لطبيعتها بالإكراه!

محاولة أخيرة يتجرد فيها من أسلحته ويواجهها أعزل من كل شيء إلا من نظرة ندم واعتذار صامتة تنزل معها اليد المرتفعة وتسكن الضحكة قبل أن تتحول الاشارة لخضراء مصحوبة بمنبهات السيارات خلفهم ولعنات السائقين.

تنبيه أخير: السيارة في الصف الأمامي عالقة عند الإشارة منذ سبع دقائق يتناوبها الضوء الأحمر والأخضر حتى وصلت لمكانها الحالي والأخير وعليه قد تكون مصابة بالصداع وتشوش الرؤية مما قد يجعل المشهد (غير حقيقي)!

لا توجد آراء بشأن ""

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: