مالطا الصغيرة والتي تكاد تضيع في أحضان البحر المتوسط وتحت قدم إيطاليا، إلتقطتُها يوماً ما فجأة من الخريطة وقررت زيارتها. تمتد مالطا على ثلاث جزر: مالطا وجوزو وبينهما كومينو الصغيرة جداً بسكانها الثلاثة وفندقيها وشاطئها الشهير (بلو لاقون). في الحقيقة مالطا واحدة من مدن الدهشة بالنسبة لي، الدهشة التي رافقتني طوال زيارتها والدهشة التي أعتقد أنها ستعود لي إن عدت لها مره أخرى. الدهشة التي تشعر بها حين تزور جمهورية بحجم بيت الجد الكبير، بلد لم تنهكه أقدام السياح لذا مازال أهله يعلقون ملابسهم على الشبابيك وخارج البلكونات ومازالت طرقاته متعرجة وبناياته قديمة بلون التراب تخفف من هيبته المشربيات الملونة أحمر أزرق أخضر وأصفر .
trabuxu boutique living أقمت في هذا الفندق البوتيك ذو الأربع نجوم في مدينة Valletta فاليتا – عاصمة مالطا، يعود تاريخ الفندق لقصر عمره ٣٠٠ سنة كما أخبرتني موظفة الاستقبال وكما أستطيع التخيل من التصميم المعماري له والمادة المبني منها والانحناءات التي تم استغلالها باحترافية. صاحب الفندق كما تقول الموظفة هو مهندس معماري وهو ما يفسر الإعتناء بالتفاصيل حتى أني لا زلت أتذكر و يتذكر من حولي من الرفاق ممن تابعوا الرحلة على السناب شات كيف تنزوي دورة المياه في الغرفة بشكل ذكي ومبتكر كمغارة. يتكون الفندق من دورين ويحتوي على ١٩ غرفة، ذكرني التصميم نوعاً ما بالبيوت العربية في دمشق، بأرض الديار والساحة في المنتصف حولها الغرف. فندق حميمي بتاريخ عريق والموظفين لطفاء ( لا يتواجد الموظفان طيلة اليوم بل فقط إلى الساعة ٨ م لذلك الفندق مغلق مساءً والدخول له بالبطاقة).
حديقة البركةBarrakka Garden حديقة عامة بإطلالة بانورامية على الميناء، التجول فيها خصوصاً قبيل المساء له لذة مختلفة ودفئ فريد، مناسبة كمحطة استرخاء بين معلمين أو نشاطين. غالباً ما تكون هناك حفلات موسيقية.
قرية باباي Popeye village موقع صغير شمال غربي مالطا تم بناؤه ليكون موقع تصوير لفلم باباي الشهير ثم أصبح مزار سياحي يبعد عن العاصمة قرابة ساعة بالباص وثلث ساعة بالسيارة ( سيارات الأجرة رخيصة في مالطا كما هو كل شيء) مإ إن دخلت القرية حتى استقبلني باباي وزيتونة وبلوتو و كالعادة كان باباي يتشاجر مع بلوتو من أجل زيتونة. أغلب زوار القرية عائلات مع أطفالهم. بنيت القرية على البحر ببيوت ملونة من الخشب تصطف على تلة، منظر البيوت تطل برأسها لتلقي التحية على البحر يأخذ الأنفاس.
جزيرة جوزوGozo Island إحدى جزر مالطا يمكن زيارتها كرحلة يوم واحد وبالنسبة لي كانت نصف يوم حيث توجهت نهاراً بالعبارة التي لم تكلفني على ما اتذكر سوى ٢٠ ريال ولم تأخذ من وقتي سوى نصف ساعة من فاليتا العاصمة إلى جوزو. حين وصلت جوزو لم أفكر كثيراً في خياراتي في اكتشاف الجزيرة إذ كنت أرغب في استغلال كل دقيقة دون احتمالات الضياع أو الحيرة لذلك بمجرد نزولي من العبارة أخذت تذكرة للباص السياحي الموجود عند الميناء ورغم علاقتي المضطربة مع الباصات السياحية في أوروبا حيث أدفع لها وبمجرد الوقوف عند أول نقطة في الرحلة أنزل ولا أعود لها و انطلق مستخدمه باص قدمي السياحي غالباً! لكن في جوزو ظللت صامدة في الباص الذي بدأ يلف الجزيرة مخترقا الطريق الممهد له عبر الجبال، ماراً بالمعابد والأراضي الزراعية إذ تعتبر جوزو منطقة ريفية زراعية تكثر فيها حقول الفاكهة والخضار، بالمناسبة فيها منطقة تسمى (نضارة). في جوزو يغطي الناس أبواب منازلهم بقطعة حصير تسمى بالمالطية (حصيرة) للحفاظ على خشب الباب من الشمس لئلا تتلفه. يقف الباص في عدة نقاط منها حقول وكنائس وسوق شعبي يبيع المصنوعات اليدوية والأطعمة كذلك يقف في نقطة قريبة من البحر حين نزلنا لنصعد الجبل المطل على البحر استوقفتني سيدة وجدت لنفسها محل صغير بين الصخور تبيع فيه كنزات شتوية تحيكها بنفسها ولا يكلفك الواحد منها سوى ٨٠ ريال والكثير من الدفئ والحب.
سانت جوليان إلى سليما، بعد جوزو انتهيت مساء إلى سانت جوليان مدينة ساحلية تشتهر بحياة الليل حيث تصطف المقاهي والمطاعم على التلة وأسفلها البحر. لم أتبع أي توصيات للمطاعم أو المقاهي بل اكتفيت بالمشي بينها والاطلاع على قوائمها وأشكال الأطباق والمشروبات ثم البحث عما إذا كان هناك إشارة لتقييم عالي للمكان وسرعان ما اخترت أحدها واخترت طاولتي المطلة من الأعلى على البحر واستمتعت بالمكان وطاقته قبل الأكل. قطعت الطريق مشياً بمحاذاة الساحل لمدينة سليما ( يقال أنه نسبة للسلام) المدينة كانت قرية صيد قديماً قبل أن تتحول مدينة سكنية اقتصادية وسياحية. المسافة بين المدينتين نصف ساعة مشي تقريباً. قد يختار السائح إحدى المدينتين للسكن حيث تكثر الفنادق وتمتلئ بالسياح لكني اخترت العاصمة وفندق القصر المندس بين المنازل في حي قديم.
كافيه كورديانا Caffe Cordina رغم التوصيات التي في صف هذا المكان الذي يتجاوز عمره المائة والسبعين ورغم ظهوره في أحد الوثائقيات التي شاهدتها عن السياحة في مالطا إلا أن تجربتي معه لم تكن جيدة لكن سأعزو ذلك لاختياري لطبق غير موفق.
عموماً:
التجول في مالطا لم يشعرني بأني أتنقل في بلد بل في مدينة بمعنى أخرج أول النهار في رحلة بحرية مدتها تقريباً ١٠ دقائق من العاصمة لثلاث مدن أخرى كما هو الحال إلى Vittoriosa, Senglea and Cospicua أتجول في هذه المدن وأعود قبل العصر للعاصمة، أمشي من مدينة لأخرى أو أجوب جزيرة بكاملها بالباص كما حصل في جوزو.
أنصح بزيارة مالطا للأشخاص الذين يقضون إجازتهم في إحدى دول أوروبا أو يقيمون في أوروبا فترة طويلة، من باب التغيير جربوا مالطا لن تستغرق منكم سوى ليلتين فيها ستزورون جمهورية بأغلب مدنها (: كما أني متأكدة أنها ستكون مختلفة تماماً عن المدن التي تعودتم على زيارتها أو السماع عنها، الشيء المختلف أنها ستمنحكم كمدينة مختبئة على الخريطة الصدق والبساطة التي باتت تفتقدها كثير من مدن أوروبا السياحية الشهيرة.
اللغة المالطية تشبه العربية وربما لاحظتم ذلك في بعض الأسماء التي ذكرتها حتى أني راودني الشك أكثر من مره أن المتحدث أمامي يتحدث العربية، هناك العديد من الكلمات في المالطية هي كلمات عربية فعلاً. أخبرني مقيم ليبي أنهم في مالطا يتحدثون العربية وأعتقد بعد القراءة أنه يقصد العربية الصقلية القديمة.
مالطا آمنة لا شيء فيها يستدعي الخوف أو القلق هذا من واقع تجربتي كمسافرة وحيدة تقضي النهار والليل في الشوارع، ناسها لطفاء جداً ودودين ومرحبين يبادرونك بالحديث ببساطة دون تدقيق كبير فيما يجوز قوله ومالا يجوز، تحدثت مع مارة يقطعون الطريق لأعمالهم ومع قادة سفن وباعة وعابرين كل شخص كان صدره أرحب من الآخر.
المواصلات العامة متوفرة في كل منطقة وفي كل وقت وبأسعار رخيصة سواء باصات أو عبّارات، بالمناسبة الباص من المطار لمكان الفندق لم يكلفني سوى ٢ يورو. سيارات الأجرة أيضاً رخيصة.
أخيراً بشكل عام كانت مالطا من أكثر الأماكن التي شدت المقربين مني وأنا ألتقط صور وفيديوهات لها في السناب شات وأتمنى أن تشدكم هذه التدوينة لزيارتها (:
معلومات أساسية عن دولة مالطا
إعجابإعجاب
جميل جدا شكرا لك..
إعجابإعجاب