أوكسفورد العظيمة

IMG_6549.jpg

شاهدت مؤخراً فيلم How to get over a breakup يدور الفلم حول فتاة انفصل عنها حبيبها بعد علاقة ست سنوات و كوسيلة للتشافي من الإنفصال تستخدم موهبتها الكتابية في إنشاء مدونة تدور حول العلاقات العاطفية. الحقيقة إن مشاهدة هذا الفلم في وقت أعاني فيه من نزول المزاج الحاد والتخبط في البحث عن طرق جديدة للتكيف ورفع جودة الحياة جعلني أفكر في شيئين أولها أني أحب الكتابة ولا شيء يعبر عني كما تفعل الكتابة، الشيء الثاني أحب السفر وأفتقده مؤخراً وربما هذا الافتقاد سبب مهم لنزول مزاجي. لذا قررت أن أبدأ في التدوين عن السفر والمدن التي زرتها وأتمنى أن يكون ذلك بمعدل مرة أسبوعياً.

سأفتتح سلسلة تدوينات السفر والمدن بمدينة تليق (على الأقل من وجهة نظري)، المدينة التي كانت وجهتي الأولى في أوروبا والتي قضيت فيها سنة من أجمل سنوات عمري، المدينة التي ضحكت فيها وبكيت صافحت الثلج لأول مره ودرست اللغة و فتشت عن قبول للدكتوراه و تعرفت على الكثير من القلوب الطيبة التي مازالت معي إلى الآن و التقيت فيها بنفسي كما لم يحدث من قبل وأخيرا علمتني فن العيش وحيدة بخفة. هذا ما فعلته أوكسفورد بي في عام ٢٠١٣.

أوكسفورد مدينة صغيرة تختبئ جنوب إنجلترا تحديداً شمال لندن الأمر الذي يجعل مثلها عصي على إدراك البعض وهو ما ألحظه عندما أقترحها على السياح الذين يقضون الصيف في لندن ثم يبادرونني بقول ( اييه كل يوم نتمشى باوكسفورد يهبل جوه) يخلط السياح أوكسفورد المدينة بشارع  أوكسفورد في لندن (شارع التسوق الشهير)  وينفطر قلبي ):

ارتبط صيت أوكسفورد كمدينة بجامعة أوكسفورد العريقة والتي رغم اجتهاد جامعات عالمية أخرى للقفز فوقها إلا أن رنة إسمها مازالت تشعر السامع بأنها الأقوى، تضم أوكسفورد بفخر الجامعة العريقة التي تنتشر مبانيها في أنحاء المدينة متركزة في وسطها مما يجعل الجولة في الباص السياحي (hop on hop off) تبدأ بمباني الجامعة وتمرها واحداً تلو الآخر مع الحديث عن تاريخها وأبرز المشاهير والساسة الذين ارتادوها. وجود جامعة أوكسفورد الأم وجامعة أوكسفود بروكس علاوة على معاهد اللغة المتعددة والأمن الذي تتميز به أكسفورد كمدينة جعلها وجهة الطلاب من مختلف الدول رغم أن تكلفة المعيشة فيها عالية كبقية مدن الجنوب سواء من ناحية السكن أو المواصلات أو المصروفات بشكل عام.

على فرض أنك تقضي إجازتك في لندن سأقترح عليك يوم في أوكسفورد. تستقل فيه الباص المتجه لأوكسفورد من محطة Marble Arch  ماربل آرش أو من محطة فكتوريا Victoria ستستغرق منك الرحلة ما لا يزيد عن ساعتين وستكلفك على ما أتذكر قرابة ١٢٠ ريال ذهاباً وإياباً ، سيوصلك الباص لقلب المدينة ووسطها أو تستطيع أخذ القطار لكن عليك التبديل في مدينة ريدينق Reading  عند الوصول لمحطة أوكسفورد تستطيع أخذ باص لوسط المدينة أو المشي مالا يتجاوز ١٠د .

أين تذهب في أوكسفورد؟

ذا جراند كافيه: يعتبر هذا المقهى أقدم مقهى في إنجلترا إذ يرجع ميلاده للقرن السادس عشر. ستصطف غالبا في طابور يتجاوز عتبة المحل للشارع قبل أن تتاح لك طاولة من الطاولات القليلة بالداخل. السقف المرتفع للمقّهى واللون البني الخشبي الذي يغطي كل شيء والأواني المتنوعة ما بين الفضي القديم والانجليزي سيشعرك حتما بتاريخ المكان. كنت أفضل تناول شاي الظهيرة في هذا المقهى لتكتمل التجربة الإنجليزية وأحيانا أتناول الفطور (: أنصح بالمشي للمقهى حتى  يتسنى المرور بالمتاجر المتراصة في ال High Street حيث يقع المقهى.

قلعة اوكسفورد: أحد أهم معالم أوكسفورد، ارتبطت بالحرب الأهلية إذ اتخذتها ماتيلدا قاعدتها قبل أن يحاصرها فيها ابن عمها ستيفن. تستطيع أخذ جولة سياحية مع مرشد داخل القلعة ولا تستدعي هذه الجولة حجز مسبق. جزء من القلعة كان سجن إلى عام ١٩٩٦ حيث أغلق السجن وتحول عوضا عن ذلك لفندق وأصبحت القلعة مزار سياحي يضم مقهى ومطعمين. من الأمور المثيرة للدهشة والضحك بالنسبة لي مع واووووو هو أن غرف الفندق هي زنزانات السجن محتفظة بشكل الزنزانة أصبح يتم تأجيرها على الأفراد وقد تكلفك الليلة فيها ما يقارب ال ٥٠٠ ريال (رفضت صديقتي أن نقيم فيه في العيد بحجة أنه فآل سوء (: ) إذا صادف وجودك في أوكسفورد الربيع أو الصيف فسوف تحظى بفرصة عظيمة لحضور مسرحية لشكسبير في الهواء الطلق في ساحات القلعة وستتنقل من بقعة لبقعة تبعا لفصول المسرحية (كانت من أجمل تجاربي في تلك الفترة) تبدأ المسرحية غالبا آخر النهار وتنتهي ليلا وهنا ستبدأ أنوار الزنزانات أقصد الغرف بالإشتعال وتطل رؤوس السكان منها لمتابعة  المسرحية. إذا قررت أخذ جولة في القلعة ستشاهد بقايا آلات التعذيب وحين يخبرك المرشد أن السجن كان يضم أيضا كل من يتكلم عن الملكة أو يعارضها وكانت العقوبات تتفاوت وتشمل قطع اللسان ستعرف أن الحرية حديثة عهد في كل مكان.

متحف اشمولين: أحد أكبر متاحف أوروبا وثاني متحف بعد المتحف البريطاني، يقع في وسط المدينة، كبقية المتاحف مجانيو يوجد فيه جناح للحضارة الإسلامية باسم الأمير سلطان بن عبدالعزيز.

مكتبة بودلين: مكتبة جامعة اوكسفورد، تتربع في قلب أكسفورد ببنائها الأسطواني وقبتها الرمادية، تعد ثاني مكتبة بعد المكتبة البريطانية في لندن، المرور من هذه المكتبة وتصويرها أمر ستكتشف أهميته حين تقابلك البطاقات التذكارية للمدينة وهي تحمل صورة هذا المعلم. التسجيل فيها على ما أتذكر يستدعي أن تؤدي قسم يتم تسجيله صوتيا تقسم فيه بالحفاظ على ممتلكات المكتبة(:

نزهة بالقارب: ينال أكسفورد نصيب من نهر التايمز فيه تزدحم القوارب الخشبية وهواة ومحترفي التجديف علاوة على طلبة اوكسفورد أعضاء نادي التجديف (تقام سنويا مسابقة تجديف بين طلبة كامبريدج واوكسفورد). لم أعد يوماً لأكسفورد في زيارة أو بصحبة سائح إلا وكان لركوب القوارب نصيب من وقتي وإن كان الأصدقاء دائما يعترضون على محاولاتي تولي زمام التجديف ):

السوق المغلق: سوق اوكسفورد الشعبي الذي تطل إحدى مداخلة من الشارع الرئيسي تحت مسمى ممر الصليب الذهب ويرجع هذا السوق للقرن الثامن عشر (أذكر أن هذه المعلومة من المعلومات التي شدتني حين كنت أقرأ عن أوكسفورد قبل سفري لها ). يشتمل السوق على بعض المتاجر المحلية العائلية وبعض محلات الأطعمة واللحوم والمقاهي. إذا كنت كسائح من عشاق الملك شيك هناك محل حتما سيعجبك.

هاري بوتر: من أكسفورد مرّ هاري بوتر حيث تم تصوير مشاهد من الفلم في مكتبة بودلين وبعض كليات جامعة أوكسفورد ويستطيع السائح أخذ جولة في هذه الكليات والجلوس على الطاولة التي كان هاري بوتر وزملائه يتناولون عليها طعامهم أوالاصطفاف على الكراسي التي كانوا يجلسون عليها في المحافل أو تجريب إلقاء كلمة من المنبر.

مسرح شيلدونين : هو مسرح جامعة أكسفورد تقام فيه عروض مسرحية مقدمة من قبل طلبة أوكسفورد غالبا كما تقام فيه عروض الأوبرا التي تقدمها الأوركسترا الخاصة بالجامعة، أتذكر أني في أول أسبوع لي في أوكسفورد حضرت فيه أحد عروض الأوبرا، كان المسرح بسيط وصغير لكنه أثري. عموما هذا ليس المسرح الوحيد في أوكسفورد لكن هو الذي لن يبدو ظاهراً للجميع أو ربما يظن البعض أنه خاص بمنسوبي الجامعة فقط.

بيسترفيليج Bicester Village : مركز تسوق البضائع المخفضة الشهير والذي يضم أغلب العلامات التجارية،  يقع هذا ال outlet  على مقربة من اوكسفورد، هناك باص ينطلق في فترات مختلفة من اليوم للقرية بستر لا يكلفك ٢٠ ريال والمسافة قرابة ثلث ساعة. لكني لا أنصح أن يكون في خطة يوم واحد هو و اوكسفورد.

سأنهي التدوينة هنا على فرض أن الخطة يوم واحد كما أن مالم أذكره هنا سواء عن مركز التسوق الحديث في اوكسفورد أو عن حدائقها أو المطاعم والمقاهي هو شيء متاح في كل مكان آخر وفرع لسلسلة منتشرة حول بريطانيا.

تحذير: كتبت هذه التدوينة بعين الرضى والحب لذا أنا غير مسؤولة عن أي توقعات عالية وعن أي خيبة أمل كل ما أستطيع قوله لكم عند زيارتكم أوكسفورد ” خوذوا عيني شوفوا بيها”..

 

 

4 آراء على “أوكسفورد العظيمة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: